يعرف البعض أنني خرّيج الجامعة الإسلامية، ولديَّ في أوراقي الرسمية لقب “شيخ”، لذلك مارستُ حقّي الشرعي المُكتَسَب، وأصدرتُ فتوى بتحريم شُرب القهوة، وكانت مبرراتي واضحة، تتلخّص في أن القهوة مُضرّة، وتحتوي على مواد مُسْكِرة، كما أنها باهظة الثمن، وتؤدي إلى الإدمان.
وهذا الكلام لم آتِ به من عندي، فمن يرجع إلى الأحكام الفقهية قبل 200 سنة، سيجد أن شُرب القهوة كان محرّماً، وكان يُجلد شاربها، لأنها تُشبه الخمر.
ومع الوقت ازدادت قناعتي بالتحريم، وبالمصادفة وقعت عيناي على كتاب يحمل عنوان: “الخمر في التاريخ والأديان”، للباحث الأستاذ فايز سلهب، ويا للمفاجأة، حين قال: إن العرب ذكرت للخمر أكثر من 41 اسماً، ومن هذه الأسماء: “الخمرة”، “الصهباء”، “المدامة”، “الحميقاء”، “القرقف”، و”القهوة”، وكذلك “المزَّة”، وهي الخمرة التي خالطتها حموضة.. كما ذكر ذلك الإمام اللغوي أبومنصور الثعالبي في كتابه “فقه اللغة” – صـ 208.
إنني بعد الحصول على هذه المعلومة -وأعني بها إطلاق كلمة “القهوة” على الخمر- ازددتُ إصراراً على فتواي، فتشبّثتُ بها، وهذا قرار لا رجعة عنه، وإذا شاهدتموني أشرب القهوة فاجلدوني 80 جلدة.
في النهاية أقول: لو سألتموني : ماذا بقي من هذه الكتابة ؟ سأقول : بقيت بين الخروف حبّة قهوة لم تُطحن بعد، سأطحنها قائلاً لكم: يا قوم .. يا أهل النخوة : اتقوا الله واتركوا شُرب القهوة.