طارق الحبيب – عين اليوم
إن ارتضاء الأفعال الجيدة من جميع الناس لا يعني بالضرورة الإيمان أو التصديق أو القناعة بعقائدهم، إن ارتضاء تلك السلوكيات وقبولها هي ممارسة عملية للإحسان والعدل، تلك الأدبيات التي لا يستقيم منهج الإنسان وفكره إلا بتوطيدها والاجتهاد الدائم على تثبيتها والانطلاق فى الحياة من خلالها.
لقد شكرت اليهود والنصارى ليس إيمانا بعقيدتهم أو موالاتهم وإنما إيمانا بعقيدتي الشاملة التي تساوي بين الناس فى الرحمة والإقساط والبر ويقينيا بالمنهج الإنساني الذي يقر الشفقة على الجاهل ورد الجميل لكل صاحب فضل، فالشكر هنا فى نظري هو وسيلة دعوية لاجتذاب الأديان المخالفة لمنهجي الرباني ذو الحكمة العظيمة وليس تمجيدا لعقيدة مغايرة.
اقرأ أيضا: أحمدالعرفج: هل نضع الغرب في سلة واحدة ؟!
إن استعمال نصف الحقائق لتضليل جوهر الموضوع هو عملية فكرية وإدراكية تجحد الصواب وتثير البلبلة وتتجاهل مناسبة الطرح وأهدافه لتشتيت آراء الناس والتلاعب بعواطفهم تحت مسمى الغيرة على الدين، مع أن الغيرة الحقيقة على الدين تتجلى عندما يعمل الإنسان المسلم على إظهار مكارم هذا الدين الذي لم يقر الله غيره وذلك للحفاظ على صورة المسلم الحقيقي التي تتلاءم والطرح الإسلامي الشامخ.
فالتناقض الذي يعيشه البعض عندما يمتلكه الإعجاب بأصحاب الأديان المختلفة وتقليدهم ومحاكاة أفعالهم حتى غير المناسبة لبيئتنا خفية، ثم يقوم علنا بشتمهم وقذفهم والتحريض على المبادرة لإيقاع الاذى بهم، هو القضية التي تستحق المعالجة فعلا والركض وراء الانفعالات الطائشة ساهم فى قلب الموازين لجعل المباح حراما، والمنهي عنه جائزا.
إن إقراري لعملهم الجيد وسؤالهم وقبولي لودهم لا يعكس قناعتي بتوجههم الديني وإنما هو تطبيق عملي لأدبيات الدين الإسلامي التي لا تخلو من المرونة واحترام الطرف الآخر، شكرتهم: ليعلم الجميع أنه تحت مظلة الاسلام ينعم الجميع بالأمان.
وأن الإسلام لا يعادي لمجرد الاختلاف أو لمجرد الرغبة فى العداوة دون حكمة واعية .. وهناك أيضا الأزمة الأخرى التي لمستها وتتمثل في انتقاء البعض للسلوكيات التي يريدها من تلك الفئة ومسايرتهم والاندفاع خلفهم دون أطر محدودة ومعروفة فى حين يرفض لغة العلم والحدود الشرعية فى التعامل معهم!
إن تسويق الآداب الإسلامية منهج دعوي حضاري يجب التدرب عليه لأنك إن لم تفعل ذلك فستعيش بقية حياتك مسوقا للدين حسب فكرك أنت لا حسب فكر الدين ذاته وقولي في التغريدة (دعواتهم وصلواتهم) هو نقل للفظ الذي نطقوه أثناء اتصالهم ولأن التغريدة موجهة لهم استخدمت ألفاظهم وليس معنى ذلك اعتقادي بها.
فمنهج نبينا محمد شكر الفعل الجميل ولو صدر من كافر إظهارا للسماحة واقتناصا لفرص الخير في نفوسهم لهدايتهم وافتراض البعض أن أي تواصل مع اليهود والنصارى هو نوع من الموالاة قد ضيق المساحة الدعوية الفسيحة التي تشمل نشر مبادىء النبل والتسامح والفضل.